Maya Attoun, Solar Mountains & Broken Hearts, 2021.

مايا أطون – جبال شمسيّة وقلوب محطّمة

04.03 - 10.12.2021
أمانة المعرض: كرميت جاليلي

Morn came and went – and came, and brought no day, And men forgot their passions in the dread Of this their desolation; and all hearts Were chill’d into a selfish prayer for light”

(Lord Byron, “Darkness”, 1816)

“جاءَ صباحٌ وذهبَ – وجاءَ، ولم يجلبْ نهارًا، ونسِيَ الأُناسُ أشواقَهم في رهبة هذا الخراب. والقلوب كلّها كانت مُقشعرّةً في صلاة أنانية من أجل النور” (لورد بايرون، “ظلام”، 1816) “

في عام 1815 حدث أصعب ثوران بركانيّ في الجبل البركانيّ تامبورا في إندونيسيا، وهو يُعتبر أقوى ثورانٍ بركانيّ شهدته الكرة الأرضيّة منذ عدّة قرون، وقد أدّى إلى حدوث تغيُّرات مناخيّة في جميع أنحاء العالم: غُطِّيت السماء برماد بركانيّ حجب ضوء الشمس، تساقط مطر أسود، وانخفضت درجات الحرارة كثيرًا إلى أنّ السنة التي تلت هذا الثوران لُقّبت بـ”سنة بلا صيف”.

في ذاك اللاصيف، لقد حلّوا بعض من أصدقاء اللورد بايرن ضيوفًا عنده في فيلا استأجرها على ضفاف بحيرة جنيف في سويسرا، وكان من ضمن هؤلاء بيرسي بيش شيلي، وعشيقته ماري جودوين (التي ستشتهر بعد زواجهما باسم ماري شيلي) وجون بوليدوري، وبينما كانت تهبّ عاصفة في الخارج، جلسوا هم وتسلّوا بكتابة قصص رعب: كتبت ماري شيلي قصّة تطوّرتْ فيما بعد إلى رواية “فرانكنشتاين” (1818) والتي تعتبر أول رواية من نوع الخيال العلمي؛ كتب بوليدوري قصّة عن مصّاصي الدماء نُشرت لاحقًا بعنوان “مصّاص الدماء” (The Vampire) (1819)، وهي تعتبر عملاً رائدًا في أدب مصّاصي الدماء؛ وكتب اللورد بايرون قصيدة نهاية العالم “الظلام” (1816)، التي تصف دمار الإنسان والعالم.

من هذه اللحظة التاريخية المناخية والثقافية، التي تضع على مستوى واحد الطبيعيّ والخارق للطبيعة، البشري والوحشي، الأرضي والسامي، تبني مايا أطون منظرًا كونيًّا له وقته الخاصّ: جبال شمسية تلقي ظلالها على أرضية الفضاء، وجرم سماوي يُبثّ على الحائط، يكتمل وينقص في دورة منتظمة مدّتها 24 دقيقة و24 ثانية، تحدد زمنًا آخر، يعتمد على العمل وفضاء العرض. على الجدار ، تم تعليق رسومات لكارثة حدثت بالفعل أو على وشك أن تحدث: انفجارات بركانية، رماد بركاني، نباتات منهلكة، طيور مقطوعة الأعضاء، وكفوف أيدٍ تحاول التمسّك بشيء ما. المشهد الكارثي الذي تخلقه أطون هنا لا يمكن تحديد زمانه ومكانه. حتى لو كان يردد أصداء الانفجار البركاني عام 1815، فإنه ينتمي بالمقدار نفسه إلى المستقبل أيضًا، ينتمي إلى هنا أو إلى كوكب آخر، قبل لحظة أو بعد لحظة من كارثة لا نعرف حيثيّاتها بعد، وتنفغر في فضاء زمني دائري، يلقي بظلال الماضي على المستقبل.

مَن كان مكانه شبه غائب عن المعرض هو الإنسان. أي مَن قد يكون ضحيّة لمثل هذه الكارثة وربّما مَن تسبّب فيها أيضًا. يتمّ التلميح إلى بقايا وجوده هنا في الجُرم السماويّ الذي على شكل كرة سلّة، أو بالتكنولوجيا التي أنتجت الألواح الشمسيّة، ولكن الأهم من ذلك كله أنها موجودة في عمل الرسم. تمّ إنشاء ثلاثة أجسام العمل باستخدام تقنية شاقّة للرسم بالجرافيت. بالنسبة إلى أطون، الرسم ليس مجرّد تقنية، وإنّما هو أيضًا وسيلة لنقل الطاقة، وكذلك فإنّ الجبال الشمسية الأربعة، الضفيرة الشمسية (Solar Plexus)، هي بمثابة لوح شمسيّ يحوّل الطاقة البشرية إلى فنّ. يتضمّن الرسم بالجرافيت أيضًا إمكانيّة الحذف – لا داعي لكارثة بحجم الانفجار البركاني من أجل حذف العلامات التي ترسمها أطون؛ تكفي ممحاة مكتبيّة بسيطة لذلك. تمّ إنشاء العمل المتحرّك CRY (Cybernetic Year) باستخدام مثل هذه التقنية، لرسْم خضعَ لعمليّة حذف منهجيّة.

تستمرّ سلسلة الرسومات، والتي تحمل اسم المعرض جبال شمسيّة وقلوب محطّمة، في تطوير معجم الصور التي تنتجها أطون منذ سنوات – ربطات، كرات سلّة، أيدي، حروف وأرقام، علامات خيميائيّة، بطاقات ورموز مأخوذة من بطاقات تاروت – أيقونيّة تمزج بين الأدب، الموسيقى، الثقافة الشعبيّة، العلوم والتكنولوجيا. كمَن ينظر إلى عملها كجزء من تقليد قوطي، لا يفصل بين الجميل والصادم، تنحت أطون من منتجات الإنسان ما هو رائع منه، وفي الواقع يرمز عمل الرسم إلى القلب البشريّ المحطّم الذي يرسم خطوط كارثته بعمله الشاقّ.

كرميت جاليلي ماجازين III يافا أمينة المعرض