سمدار درايفوس (من مواليد 1963) ولدت في إسرائيل وتعيش وتعمل في لندن منذ عام 1990. تعلمت للقب الأول في أكاديميا التصميم والفنون بتسلئيل وللقب الثاني في الكلية الملكية للفنون، لندن، كذلك والتحقت بالدراسة العليا في سلايد-سكول للفنون الجميلة. انها تستعمل في عملها الفني الأوديو والفيديو والتصوير في سياق انتاج منشآت تركيبية. وهي تتحرّى وراء دور الصوت في المساحات العامة المثيرة للجدل، تتفقد كيف تنعكس وتتردّد حالات اجتماعية وسياسية بلحظات معينة في الحياة اليومية، والطريقة التي بها الثقافة تكون جزءا من اللغة وتؤثر علها في الحين ذاته. لقد عرضت درايفوس في معارض فردية عديدة، من بينها في بيت ثقافات العالم، برلين، ألمانيا (2014)؛ ماجازين III متحف للفن المعاصر، ستوكهولم، السويد (2009)؛ أنتوربين، بلجيكا (2008). وشاركت أيضا في معارض جماعية كثيرة، مثلا في بينالي ببوسان، جنوب كوريا (2018)؛ قايشا منتدى برشلونا، اسبانيا (2018)؛ وفي Berlin Documentary Forum 3، ألمانيا (2014). كذلك ويتم ضم أعمالها في مجموعات فنية متميزة وفازت في جوائز قيمة على مدى السنين.
ماجازينIII يافا: مرحبا سمدار، كيف حالك هذه الأيام؟
س. د: أنا بخير، أتواجد بمنزلي في لندن هذه الفترة منذ مارس. وأرتاح من بعد فترة سنتين كانت مبالغة الحدّ من السفر. أنا أتوقف لصالح بداية جديدة، أفكر عن البُعد كحالة، مادة، عرقلة وأيضا كفرصة.
ماجازينIII يافا: أخبرينا شيئًا عن عملك الذي نراه هنا من مجموعة ماجازين III.
س. د: “360 درجة” هو فيديو تم تصويره سنة 2006، بمساء يوم جمعة حار على شاطئ البحر بين يافا وتل أبيب، وهو يدور حول مجموعات أناس مختلفة من المجتمع الإسرائيلي والفلسطيني كانت تتشارك تلك المساحة العامة.
أنتجت هذا العمل بعمل مشترك مع زوجي، لينارت فان أولدنبرج، الذي صور هذا المشهد التأمُّلي شديد البطء الذي نراه يسلّط الضوء على ذلك الحدث في الوقت الفعلي، مشهد يمتد على نحو 26 دقيقة طويلة ويتكون عبر حركة الكاميرا ويمكن تحريه عبرها. انه نوع من “المسح” المستمر للمنظر الطبيعي، بواسطة عدسة تيليفوتوغرافية عميقة، وهو نتيجة محاولة الإمساك بشيء دون-الوعي وكثير التناقض يتواجد في الحياة اليوميةـ، وينفذ داخل العدسة عبر طبقات التيبولوجيا الاجتماعية التي تواجدت بشكل عشوائي في المكان والزمان ذاته.
هذا المشهد يفتتح بغروب الشمس بلقطة مقرّبة لمجموعة من رواد المطعم على شرفة أحد مطاعم الشاطئ الراقية، ومن ثم ينتقل تدريجيًا إلى المصطافين على شاطئ البحر مع يافا في الخلفية، وينتقل ببطء إلى البحر والسابحين، ويستمر في التنقل عبر الظلام إلى المُشاة على الممشى وإلى العائلات المتجمّعة حول حفلات الشواء بالهواء الطلق على التلال العشبية في حديقة تشارلز كلور، ويعاود الرجوع الطريق كله إلى المطعم الذي بدأ منه. عندما تقوم الكاميرا “بمسح” هذه المشاهد في لقطة واحدة ومستمرة، إنها تكشف في الوقت نفسه كذلك وتُخفي العديد من الميركو-حكايات التي تحدث أمامها، ولكنها لا تتوقف عن التطرق لأي منها. لقد سجلت الصوت مع حركة الكاميرا والميكروفون في الاتجاه المعاكس لاتجاه العدسة.
كان شاطئ تل أبيب أيضًا عنصرًا مركزيًا في المنشأة السمعية-البصرية “المنقذون”، التي قمت بتسجيلها وتصويرها في عام 2002، خلال الانتفاضة الثانية، أثناء لقاء متجدد مع إسرائيل وإقامة طويلة بها، من بعد سنوات عديدة من عدم زيارة البلاد فعليا. استمعت ونظرت إلى شيء كان مألوفًا جدًا بالنسبة لي ولكن من وجهة نظر مختلفة. بالنسبة لي، يشكّل الشاطئ منطقة حدية، حافة، أو واجهة، وفي اللقطة الطويلة لـ “360 درجة”، ألاحظ شيئًا ضعيفًا سريع الزوال في الطريقة التي تكتظ بها هذه المجموعات المختلفة المساحة المفتوحة؛ إنهم لا يختلطون مع بعضهم البعض حقًا، ويبدو أنهم يتجاهلون حضور بعضهم البعض في نفس الوقت. تتناقض المشاركة للمساحة الفيزيائية مع الفجوة الهائلة الموجودة بين هذه المجموعات اجتصاديًا وسياسيًا، كل ذلك في سياق واحد يفترض أنه طبيعي.
ماجازينIII يافا: هل تغيّرت تجربتك لعملك هذا في سياق هذه الأيام؟
س. د: شاهد هذا العمل مجددًا أنا وزوجي في منزلنا في لندن، من مسافة الزمان والمكان، في جو الإغلاق المستمر، بينما في كل مكان في العالم هناك أزمة بيولوجية-سياسية حادة. من قبل وجهة نظرنا اليوم، يبدو لنا أن اللقطات البطيئة جدًا لما حدث قبل 14 عامًا تتناقض مع التدفق الحالي للصور القادمة من إسرائيل في الوقت الفعلي، وأعني بشكل أساسي الاحتجاج الجماهيري ضد النظام الذي يملأ العديد من المساحات المفتوحة (بما في ذلك الشاطئ الذي صورناه) لعدة أشهر. أفكر أيضًا بالفلسطينيين الحاضرين في صورتنا، على سبيل المثال روان، ولد صغير يمكن سماعه وهو يتحدث معي خلال وقت التصوير، فكان فضوليًا بشأن التصوير، وقال إنه جاء إلى الشاطئ من بيت إكسا، وهي قرية في الشمال الغربي. الى القدس اليوم لم يعد بالتأكيد طفلًا. يتساءل المرء متى سيتمكن هو وأصدقاؤه الفلسطينيون من الاستمتاع بهذا الشاطئ مرة أخرى كما فعلوا قبل 14 عاما.
ماجازينIII يافا: ما الذي تعملين عليه حاليا؟
س. د: تسبب الوباء في انقطاع مرحلة طويلة من العمل في مشروع يعتمد على التسجيلات الوثائقية التي قمت بها في البلد، والذي لا يمكنني مناقشته بعد. آمل أن يتقدم مشروعي لاحقًا. علاوة على ذلك، أستخدم بعض الوقت للعمل على أرشيفي الخاص وأيضًا على مجموعة من البطاقات البريدية من العشرينات التي تخص جدي، والتي تركز على أنواع مختلفة من الصبار تم تصويرها في لايبزيغ. كان جدي عالِم نباتات علم ذاته بنفسه، ووفقًا للقصص العائلية لقد رافقت هذه البطاقات 80 نبتة صبار حقيقية أحضرها معه إلى فلسطين على متن سفينة أبحرت من مرسيليا إلى يافا عام 1933.
ماجازينIII يافا: هل من أفكار عن المستقبل؟
س. د: هناك الكثير من المتغيرات غير المتوقعة في الواقع الحالي، من الجانب الشخصي إلى الجانب الاجتماعي والسياسي، يصعب توقعها والتخطيط لها. يبدو أن الكثير من الأشياء قد تباطأت أو أصبحت في وضع التأخر، لكنني أشك أنه في واقع الأمر تتغير الأشياء بوتيرة أسرع مما يمكننا إدراك ذلك.