ناخوم تيفيت (من من مواليد 1946) يعيش ويعمل في تل أبيب في يومنا هذا. تيفيت هو فنان مفاهيمي يتميّز عمله بالتأثّر بتقاليد مدرستي التقليلية (Minimalism) وباوهاوس. انه يقوم بإنشاء منحوتات ومنشآت تستوحى من أشكال بالحياة اليومية ويتم تنظيمها في تركيب شكليّ معقد، والذي يبدو مختلفًا من كل زاوية. وهكذا ينتج في أعماله تجربة جسمية ويستكشف بها العلاقة ما بين العمل الفني والمشاهد. لقد شغل تيفيت منصب بروفيسور في أكاديمية بتسلئيل للتصميم والفنون، حيثما أسّس وأدار برنامج الدراسات العليا وبرنامج الماجستير. في أكثر من 40 عامًا، عُرضت أعماله في العديد من المعارض الفردية بما في ذلك في House of Art ،Ceska Bodiewicz، جمهورية التشيك (2018)؛ غاليري كريستوف دي كليرك، غينت، بلجيكا (2018)؛ متحف الفن في لودز، بولندا (2017)؛ بينالي لودز، بولندا (2010)؛ متحف الفن المعاصر في روما، إيطاليا (2008)؛ متحف إسرائيل، القدس (2007). بالإضافة إلى ذلك، فقد شارك في العديد من المعارض الجماعية، وأعماله من ضمن مجموعات فنية مهمة وفاز بالعديد من الجوائز المعتبرة.
ماجازين III يافا: مرحبا ناخوم، كيف حالك هذه الايام؟
ن. ت: أنا بخير، استمتع في الاستوديو.
ماجازين III يافا: أخبرنا شيئًا عن عملك الذي نراه هنا من مجموعة ماجازين III (بدون عنوان، 1996-1995).
ن. ت: هذا عمل أعتبره مهمًا في سيرتي الفنية، أثناء العمل عليها تشكلت أفكار كانت قد أدت إلى سلسلة كبيرة من المنشآت، وهي سلسلة تم عرضها جميعًا في متحف إسرائيل في عام 2007 (أمينة المعرض، الراحلة ساريت شابيرا).
إلى أن ظهر هذا العمل، كانت جميع منحوتاتي الأرضية منذ الثمانينيات قد بدأت من عنصر مركزي واحد، ولكنها آجلا تطورت منه في حركة لولبية قوية أدت إلى “إلقاء عناصر وتناثرها” في الفضاء. ومن بعد ذلك الحدث، ولأول مرة، ليس هناك مركز واحد، بل العديد من الأحداث المنفصلة التي تحدث في الآن ذاته، ويبدو أنها تتنافس مع بعضها البعض. هذا أيضًا هو عملي الأول الذي يعتمد على شبكة تربيعية في مساحة معينة وتملأها.
خطوة أخرى جديدة في هذا العمل هي الاستخدام المكثف للعناصر الشبيهة بالقواطع المقسمة وبالجدران المعرفة للحدود واكتظاظها. وهي مقطوعات في العمل الكامل، والتي أحسبها مثل “CUT” في السينما، متواليات يتم قصها ومحوها وإخفائها. لا يمكنك رؤية العمل ككل، أو الإحاطة به في لمحة. هذه المقطوعات عبارة عن مصفوفات من الأشياء التي قمت ببنائها يدويًا، وبعضها يحتوي على شهوانية وحميمية، مما يدعوا إلى الاقتراب، لدرجة اللمس، وتنفتح فجوة بين الرؤية عن قرب وعن بعد. والمقياس أيضًا غير متكافئ، ويبدو لي أن هناك حسًا منطقيًا جذابًا للقراءة والفهم، وتوترًا بين العقلانية والصدفة، مزيج من تقاليد التجريد الحداثي والصور السردية، مثل أشجار السنط التي يدخل فيها الفيروس وتختلّ. والشيء الآخر الذي يعتبر حديثًا في هذا العمل هو أنه لا يوجد برغي أو صمغ يمسك الأشياء بعضها ببعض، ما هو على عكس المنحوتات السابقة التي كانت تحلّق، والتي لم تأخذ الجاذبية في الاعتبار. هنا ثمة نوع من القبول، نوع من الاستسلام حتى، الأشياء موضوعة على الأرض بجانب بعضها البعض، أو أنها احداها على أخراها، وتكفي ضربة صغيرة، لينهار كل شيء، ومعه كل الإشارات إلى تقاليد النحت الحداثي، مع البياض النظيف والوظيفة من باوهاوس والكيبوتس.
لقد بدأت العمل هذا في عام 1995، وكان لدي شعور بأنني استنفدت من سلسلة المنحوتات السابقة (“دروس الرسم”) وكنت أبحث عن طريقة للمتابعة. أغلقت أبواب الاستوديو ولم أعرض أي شيء لأي شخص لمدة عامين تقريبًا، ونشأ العمل ببطء، بصورة طبيعية، ولم يتطور من خطة، أو من رسومات التحضير، وكان هذا مسألة مبدأ بالنسبة لي، شيء أدى إلى شيء آخر… وصل ديفيد نيومان إلى الاستوديو، مع الراحلة ساريت شابيرا، عندما أوشك العمل على الانتهاء، وبعد أسبوع اتصل بي ودعا بعرض العمل في المعرض الذي كان بعنوان “Painting: the extended field” وهو معرض يضم قائمة من المشاركين من هوليوود: ’بول مكارثي، لوك تويمانز، جيسيكا ستوكهولدر، إيمي كنوبل’ وآخرين، وحقًا، كان هذا معرض رائع. لقد قام ديفيد بشراء العمل من المعرض وبإضافته الى مجموعة المتحف.
ماجازين III يافا: هل تغيّرت تجربتك لعملك هذا في سياق هذه الأيام؟
ن. ت: كان هناك نوع من المعارضة للتصوير الفوتوغرافي لعملي منذ الثمانينيات، معارضة لأخذ صورة واحدة “تظهر” تمثالًا ثلاثي الأبعاد. منذ ذلك الوقت، وفي التسعينيات من بعد ذلك، كنت مشغولًا في إنشاء تجربة محسوسة، جسدية-حسية وشبه ملموسة كطريقة لقراءة العمل، وكان من المهم بالنسبة لي الوقت الذي تستغرقه أعمالي من المشاهد لتجربتها. اليوم هذه المعارضة لا تقل ملاءمتًا بالنسبة لي، في زمن نرى الفن ونختبر كل شيء من خلال الشاشات.
ماجازين III يافا: ما الذي تعمل عليه الآن؟
ن. ت: لقد بدأت سلسلة من الأعمال، تختلف قليلاً عن تلك التي سبقتها. كان لدي سلسلة من المنحوتات سبق وذكرتها تدعى “دروس الرسم” التي كانت تتناول العلاقة بين الرسم والنحت. تعود هذه الأعمال الحديثة إلى ذلك التوجه، فأنا أبدأ بمجموعات من رسومات لأسطح الدكت الخشبية المصنعة على الأرض، وهي تمثيلات لنسخ من الرسمات التي نزلت من الجدران. تعمل هذه الرسمات كمنصة أضع عليها أشياء، على سبيل المثال مقعد، كرسي، وقارب والخ. وبوقت لاحق، يتسلق كل شيء من الأرض إلى الحائط. ثم “تقف” هذه الأشياء على الحائط ويبدو كما لو أن الأرضية انطوت على الحائط. إنه اجراء فني ظهر بطرق مختلفة في أعمالي السابقة أيضًا، ولكنه هنا يكون في قلب الموضوع تمامًا. أحب مثل هذه المغامرات، عندما لا يكون من الواضح إلى أين يؤدي كل شيء.
ماجازين III يافا: هل من افكار عن المستقبل؟
ن. ت: أنا مندهش من عدد الاتجاهات التي يمكن أن يتخذها مشروعي المستمر، ولدي الكثير من الأفكار وأخوض تحارب جديدة بالنسبة لي وأعمل بحماس وفرح. فكذا وان تم الغاء العديد من المعارض خارج البلاد، أشعر ان مساحة التنفس تتوسع وهذا يثير أيضًا أفكارًا جديدة للعمل في الاستوديو عندما يكون “السيستم” مشلولا. وبالنهاية، هكذا تبدو على واقع الأمر وعلى أنظف صورة حالة “صنع الفن”.